تستعد وزارة المالية ورئاسة الحكومة للاعلان خلال الأيام القادمة عن اسم المدير العام الجديد للبنك الوطني الفلاحي الذي سيعوض الحبيب الحاج قويدر الذي غادر البنك في اكتوبر الماضي بعد أن نبه "مرصد رقابة" الرأي العام لمحاولة التمديد له بعد التقاعد.
ورشحت معطيات خطيرة جدا مفادها ضغط مجموعات مصلحة نافذة على وزير المالية لتغيير ترتيب المترشحين من أجل تثبيت المدير العام بالنيابة الحالي للبنك السيد منذر الأكحل وتعيينه رسميا مديرا عاما، رغم السجل الحافل له بالتجاوزات الذي يعرفه كل موظفي البنك والكثير من حرفائه.
السيد الأكحل هو الصندوق الاسود للبنك الذي يتستر على كل التجاوزات الحاصلة فيه خلال فترة قويدر وقبلها. ولديه مسؤولية كبرى في عملية الترفيع في رأسمال البنك من 176 الى 300 مليون دينار التي شابتها خروقات عديدة وخطيرة يرتقي بعضها الى جرائم مصرفية او ذات طابع جنائي ومنها تمكين ابن الدكتاتور الاسبق لبوركينا فاسو الذي ثار عليه شعبه قبل سنوات من المشاركة في عملية الترفيع نقدا بنسبة 5% بالتنسيق مع رجل أعمال تونسي معروف. كما تتعلّق به شبهات عديدة بلغتنا للمرصد في شكل شكاوى وتتضمن معطيات مثيرة.
السيد الاكحل يحظى بدعم قوي تحت الطاولة من المدير العام السابق الحاج قويدر الذي حاولت منظومة المصالح ذاتها اقتراحه لتولي الخطوط التونسية قبل اسبوع. ولكنه يحظى بدعم المنجي الرحوي عضوٍ مجلس النواب ونور الدين الطبوبي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل. ولدينا معطيات حول مسؤوليته عن تمكين الاتحاد من قرض كبير (يفوق 10 مليون دينار) بشروط غير قانونية وتستره على عدم خلاص اقساطه (وسنعود للموضوع).
واضح جدا أن منظومة المصالح لا تريد اصلاح البنك الوطني الفلاحي، وتريد الابقاء عليه تحت اشراف شخص تأتمنه وتمتلك عنه ملفات تجعله ينفذ تعليماتها (المرسديس وغيرها وغيرها). ولا تقبل بتعيين أي كفاءة وطنية نظيفة وذات مصداقية على رأس البنك خوفا من الاصلاح الحقيقي وسد أبواب الفساد وكشف المستور بخصوص التلاعب بالقروض والتمويلات وعمليات اعادة الجدولة وهيكلة الديون المصنفة وكشف التستر على عمليات منح قروض في شكل حسابات مدينة بالمليارات لاقارب مسؤولين وعمليات تدليس مناقصات. وتسعى لتأخير استحقاق اصلاح هذا البنك الى أجل غير مسمى.
ويبدو من خلال ما بلغنا أن التعيين سيتم في اطار مناورة يتم فيها التخلص من المنافسين لهذا الشخص في القائمة عبر تعيينات استباقية في بنوك عمومية أخرى حتى يظل وحده في القائمة التي أعدت سلفا، بتنسيق مع وزير المالية، حتى يتم تمرير الموضوع في رئاسة الحكومة.
رئيس الحكومة لا يمكنه الان أن يقول أنه لا علم له بهذه المناورات. وكذلك حزامه السياسي والبرلماني.
وتعيين المدير العام للبنك الوطني الفلاحي سيكون مؤشرا مهما على جدية هذه الجهات في اصلاح البنك الوطني الفلاحي والبنوك العمومية بصفة عامة.
مرة أخرى، لا اصلاح للاقتصاد الوطني إلا باصلاح حوكمة البنوك العمومية.